الجمعة، 24 أبريل 2015

وفد الزقازيق: الإعجاز العلمي فى القرآن الكريم عن النباتات والحيوانات

 المقدمة
ورد في القرآن الكريم العديد من أسماء النباتات في العديد من الآيات، وتصدرت أسماء بعض السور أيضا، إما لضرب الأمثال، أو للاستشهاد، أو آيات..وغير ذلك، ومن هذه النباتات التي ورد ذكرها في القرآن الكريم الآتي:
-1
العنب: {وعنبا وقضبا} - سورة عبس (آية 28).
-2
الرمان: {فيهما فاكهة ونخل ورمان} - سورة الرحمن (آية 68).
-3
التين: {والتين والزيتون} - سورة التين (آية 1).
-4
النخيل: {وزروع ونخل طلعها هضيم} - سورة الشعراء (آية 148).
-5
الزرع: {وهو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات والنخل والزرع مختلفا أكله} - سورة الأنعام (آية 141).
-6
الرطب: {وهزي اليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا} - سورة مريم (آية 25).
-7
فاكهة: {فيها فاكهة والنخل ذات الأكمام} - سورة الرحمن (آية 11).
-8
الزيتون: {وزيتونا ونخلا} - سورة عبس (آية 29).
-9
الثمر: {ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا} - سورة النحل (آية 67).
-10
اليقطين: {وأنبتنا عليه شجرة من يقطين} - سورة الصافات (آية 146).اليقطين هو القرع.
-11
السدر: {في سدر مخضود} - سورة الواقعة (آية 28).
-12
الأثل: {وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتى أكل خمط وأثل وشيء من سدر قليل} - سورة سبأ (آية 16).
-13
الخمط: {وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط وأثل}- سورة سبأ (آية 16).والخمط قيل أنه الأراك، وقيل أنه كل طعام مر أو لا يؤكل لمرارة طعمه.
-14
الأب: {وفاكهة وأبا} - سورة عبس (آية 31).والأب: ما تأكله البهائم والأنعام من الثمار.
-15
القثاء: {فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها} - سورة البقرة (آية 61).والقثاء من أنواع الخيار الطويل، ويسميه البعض الفقوس أو الطروح.
-16
الفوم: {بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها} - سورة البقرة (آية 61).وللفوم عدة معاني، منها الثوم، والبر، والحنطة.
-17
البقل: {بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها}.
-18
العدس: {بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها}.
-19
البصل: {بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها}.
-20
الحب: {ان الله فالق الحب والنوى} - سورة الأنعام (آية 95).
-21
السنابل: {مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مئة حبة} - سورة البقرة (آية 261).
-22
النبات: {لنخرج به حبا ونباتا} - سورة النبأ (آية 15).
-23
الريحان: {والحب ذو العصف والريحان} - سورة الرحمن (آية 12).
-24
الزنجبيل: {ويسقون فيها كأسا كان مزاجها زنجبيلا} - سورة الانسان (آية 17).
-25
القضب: {وَعِنَباً وَقَضْباً} – سورة عبس (آية 28).والقضب هو القت والعلف الرطب للحيوانات.
-26
الكافور: {انَّ ٱلأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً} - سورة الانسان (آية 5).
-27
الزقوم: {أَذَلِكَ خَيْرٌ نُّزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ} سورة الصافات (آية 62).وشرح شجرة الزقوم في الآيات التي تليها.
-28
النجم: {ﻭﺍﻟﻨﺠﻡ ﻭﺍﻟﺸﺠﺭ ﻴﺴﺠﺩﺍﻥ} – سورة الرحمن (آية 6).وَالنَّجْم مَا لَا سَاقَ لَهُ مِنْ النَّبَات.
-29
الشجر: {ﻭﺍﻟﻨﺠﻡ ﻭﺍﻟﺸﺠﺭ ﻴﺴﺠﺩﺍﻥ} وَالشَّجَر مَا لَهُ سَاق من النبات.
-30
قنوان: {ومن النخل من طلعها قنوان دانية} – سورة الأنعام (آية 99) والقنوان هو عثق النخل.
-31
الطلع: {وزروع ونخل طلعها هضيم} – سورة الشعراء (آية 148).
 الفصل الأول
المبحث الأول : الإعجاز العلمى
آيات كثيرة جاءت في القرآن تتحدث عن ظواهر غريبة مثل كلام النمل، وسجود الشجر، وغير ذلك مما أثبته العلم حديثاً. فطالما اتخذ الملحدون هذه الآيات وسيلة للتشكيك في صدق هذا القرآن ومصدره الإلهي، وطالماً ردَّدوا حججاً لا أصل لها تزعم أن النبي صلى الله عليه وسلم هو من ألَّف القرآن، بل أخذه من كتاب الأقدمين، ومزجه بخرافات عصره، وطالما قرأنا مقالات عن "مصادر القرآن" التي يدعون فيها أن القرآن هو نتاج أساطير وقصص موجودة في التوراة والإنجيل...
ولكن الله تعالى لن يترك كتابه عرضة للتشكيك من دون أن يهيء الوسائل المناسبة لاكتشاف معجزات جديدة تبرهن على صدق هذا الكتاب، وصدق رسالة الإسلام. وبالفعل فإننا في كل يوم نكتشف حقيقة علمية جديدة تتفق مئة بالمئة مع ما جاء في القرآن قبل أربعة عشر قرناً. واليوم نعيش مع حقيقة علمية تؤكد أن النباتات لها مشاعر وأحاسيس ولها دماغ تستطيع التفكير فيه، ونضيف بأن النباتات لديها القدرة على تسبيح خالقها والسجود له!!
النباتات ليست كائنات غبية وذكاؤها يكمن في جذورها
العلماء وجدوا في تركيبة جذر نبات الذرة ما يمكن وصفه بـ "الدماغ" بعد أن سادت طويلاً فكرة أن النبات كائن "غبي"، بدأ العلماء مؤخراً في اكتشاف نوع من مراكز التحكم داخل الجذور، يعمل بطريقة مشابهة للجهاز العصبي الحيواني وينقل البيانات عبر إشارات كهربائية تتحرك بين الجذور والسيقان والأوراق.
حتى وقت قريب، كان العلماء يستبعدون تماماً احتمالية امتلاك النباتات لجهاز عصبي أو نوع من "الدماغ"، لكن يبدو أن نتائج الأبحاث الجديدة قد تغير تلك الفكرة التي سادت طويلاً. فمنذ العصر الإغريقي، سادت الفكرة القائلة إن "النباتات غبية، فهي كائنات أولية، وتعد مرحلة بين الجماد والحيوان".
ومازالت تلك الفكرة تؤثر على رأي الكثيرين في عصرنا الحالي، وتؤثر حتى على بعض العلماء، وإن كانت تغيرت جزئياً منذ مئتي عام، عندما اكتشف علماء الأحياء أن للنباتات حياة جنسية. وفوجئ العلماء مجدداً عندما اكتشفوا منذ عشرات السنوات أن للنباتات أيضاً جهاز مناعة، يحميها ويمكّنها من مقاومة الأمراض، ليتأكدوا بذلك أن النباتات في الواقع كائنات حية تمتلك الكثير من القدرات. وبالرغم من ذلك، فمازالت تعبيرات مثل "الجهاز العصبي للنباتات" تثير جدلاً واسعاً في أوساط العلماء والباحثين حتى يومنا هذا.
اكتشاف ما يمكن وصفه بالدماغ النباتي
لكن مجموعة من الباحثين من جامعتي بون وفلورنسا، تمكنوا من اكتشاف ما يمكن وصفه بالدماغ النباتي في تركيبة جذر نبات الذرة، حيث يؤكد الباحث فرانتيسك بالوسكا من جامعة بون أنهم تمكنوا من اكتشاف أنشطة كهربائية في جذور النبات، كما وجدوا أن التركيبة البيولوجية للخلايا شبيهة بتركيبة الدماغ الحيواني. لكنه أشار إلى أن تلك الأبحاث مازالت في بدايتها، ما يجعله من المبكر الحديث عن "دماغ نباتي"، وأضاف أنهم يطلقون الآن على ما اكتشفوه لدى النباتات اسم: "مركز التحكم".
لقد حدد هذا الباحث المنطقة المسئولة في جذر النبات عن معالجة المعلومات ونقلها. وهي شبيهة بالمشابك الكيميائية، أي نقاط الاتصال المتخصصة بنقل الإشارات العصبية. والخيوط الرفيعة التي تكوّن الهيكل الخلوي للنبات، تسمح بنقل الحويصلات الصغيرة بسرعة فائقة، الأمر الذي يشابه تماماً طريقة نقل الإشارات العصبية لدى الحيوان. إن أي نبات لا يمكنه العيش من دون جذور، فالجذور بالنسبة للنبات مثل الرأس بالنسبة للإنسان.
القرارات تتخذ في الجذور وتنقل إلى الأوراق
مركز التحكم في "الجذور" يعطي الأوامر للنبات ليعرف في أي اتجاه عليه أن ينمو، ويضيف بالوسكا إن معالجة البيانات التي يتم نقلها داخل جذور النبات تؤثر بشكل مباشر على سلوك أطراف الجذور، فالجذور تسجل مثلاً وجود مادة سامة في المحيط القريب، وهو ما يعني أن على النبات أن يتفاداها. ويتم تخزين تلك المعلومات في أطراف الجذور، ويتم نقلها بسرعة لمناطق النمو، ليعرف النبات بذلك في أي اتجاه عليه أن ينمو.
وهذه الطريقة التي تنقل بها النباتات المعلومات والتي تبني على أساسها ردود أفعالها تتشابه تماماً مع طريقة عمل الدماغ في عالم الحيوان، حسبما يؤكد عالم النباتات ديتر فولكمان من جامعة بون، مشيراً إلى أن بحث بالوسكا وزميله مانكوسو يساعد على اكتشاف العلاقة بين التركيب الخلوي للنبات- الذي يشبه تركيبة الجهاز العصبي الحيواني – والإشارات الكهربائية. وهو ما يمكن اعتباره جهاز عصبي نباتي، يقوم بنفس الدور الذي يقوم به الجهاز العصبي لدى الحيوان، لكنه مختلف البناء.
يدرك العلماء تماماً أن النباتات تعتمد على الإشارات الكهربائية للتفاعل مع العالم الخارجي. وهو ما يسمح للنباتات باتخاذ ردود فعل تجاه "الأعداء"، مثل الحشرات الضارة المختلفة. النباتات لا يمكنها الهروب، فهي لا تمتلك عضلات ولا أرجل. لكنها وُجّهت بشكل يجعلها تفعل شيئاً ما ضد المعتدين عليها. وهي تعتمد في ذلك على قدرتها على أن تنتج مواد لا يستسيغها الكائن المعتدي، أو سموم تقضي عليه". 
وقد تمكن فيله من قياس هذه الإشارات الكهربائية التي ترسلها النباتات، من ورقة إلى ورقة، وتوصل إلى أن رد الفعل "السريع" لدى النباتات لا يقارن بردود الفعل الحيوانية. ففي ثانية واحدة، لا يمكن للنبات نقل المعلومات بأكثر من سنتيمتر واحد، أي أنها أبطأ بنحو عشرة آلاف مرة من رد الفعل الحيواني. وبالتالي فما توصل له العلماء حتى الآن يعني أن النبات ليس كائناً غبياً، لكنه ببساطة يحيا في مقياس زمني مختلف تماماً.
مقطع في خلايا عصبية لدماغ الإنسان، وبجانبه صورة لجذور شجرة، انظروا التشابه الكبير بينهما من حيث التفرعات وتشابك الفروع، وكلاهما يصدر إشارات كهربائية، فالدماغ يصدر إشارات كهربائية لأعضاء الجسد فيعطي أوامره، وكذلك الجذر يصدر إشارات كهربائية على شكل أوامر تنتقل بين أجزاء الشجرة، إن هذا التشابه يشهد على أن الصانع واحد: (صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ) [النمل: 88].
المبحث الثانى : الدليل بالقرآن
ونقول سبحان الله!!
إذا كانت شجرة نظنها لا تعقل، لديها كل هذه الوسائل للتفكير ومعرفة الخطر و"ابتكار" وسائل للدفاع عن نفسها واتخاذ القرار المناسب لحماية أغصانها وأوراقها، ما الذي يمنع أن يكون لدى هذه الشجرة طريقة خاصة بها لتسبيح خالقها والسجود له؟
فما دامت الشجرة تصدر إشارات كهربائية تنتقل بين أوراقها وأغصانها، وما دامت كل خلية من خلايا هذه الشجرة تصدر ترددات صوتية غير مسموعة، فقد تكون هذه الإشارات والترددات لو استطعنا ترجمتها، نوع من أنواع التسبيح للخالق تبارك وتعالى؟! يقول تعالى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ) [الحج: 18]. هذه الآية تشير إلى سجود للشجر والشمس والنجوم والقمر...
ولو تطور العلم فسوف يكتشفون أن الشمس لها "دماغ" أيضاً، وقد يستغرب القارئ الكريم من هذا الطرح، ونقول: إن العلماء لم يكتشفوا إلا القليل جداً من حقائق وأسرار الكون، والعمليات المنظمة التي تتم في الشمس لا يمكن أن تكون عبثاً أو أنها عمليات عشوائية. لابد من وجود شيء في داخل الشمس ينظم هذه العمليات المعقدة.
كذلك هذه الجبال التي نراها وقد تشكلت بنتيجة تصادم الألواح الأرضية وبرزت وانتصبت، كيف جاءت هذه العمليات بشكل منظم ومناسب لتشكل الأنهار بينها، وكيف جاء شكل هذه الجبال مناسباً لتشكل الغيوم ودفع الرياح ... هل جاءت كل هذه العمليات المنظمة والمعقدة عبثاً أو بالمصادفة؟ تأملوا معي يا أحبتي هذه المناظر البديعة التي أتقنها الله تعالى فقال: (صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ) [النمل: 88].
 لابد أن يكون لدى هذه الجبال "دماغ" من نوع خاص تستطيع بواسطته تحديد اتجاه حركتها وخضوعها لأمر ربها، ولو كانت العمليات الجيولوجية تتم عشوائياً ونتيجة التطور بالمصادفة كما يدعون، إذاً لجاءت أشكال الجبال والأشجار والنباتات عشوائية أيضاً، ولكننا عندما ننظر إلى الجبل وبقربه نجد بحيرة رائعة ونباتات بألوان زاهية... فإننا نرى الدقة والروعة والألوان الزاهية، والمسافات المتناسبة، بشكل يعجز عنه أكبر فنان على وجه الأرض، ألا يدل ذلك على وجود عقل مفكر لهذه الكائنات؟!
إذاً كل هذا لا يمكن أبداً أن يكون عشوائياً، لابد من وجود برامج خاصة أودعها الله في طبقات الأرض وفي الجبال والصخور والتراب وفي الماء وفي النبات... مهمَّة هذه البرامج أن تنظم عمل هذه المخلوقات لتخضع لخالقها وتسجد له، ولا تتمرد أبداً عليه؟
وهنا ربما ندرك لماذا قال تعالى: (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا) [الأحزاب: 72]. فالسماء والأرض والجبال كلها مخلوقات مثل الإنسان لديها عقل تفكر فيه، ولكن هذه المخلوقات كانت أعقل من كثير من الملحدين!
وربما نستطيع أن نفهم قوله تعالى: (تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا) [الإسراء: 44]. فهذه المخلوقات التي نظنها غير عاقلة، لديها عقل وتفكير ولديها القدرة على اتخاذ القرار، ولكن ليس لديها القدرة على التمرد والمعصية، على عكس كثير من البشر، يجحدون نعمة الله ويكفرون به، وعلى الرغم من ذلك يرزقهم ويعطيهم، ولو رجعوا إليه لوجدوه غفوراً رحيماً.. فهل هناك أعظم وأوسع من رحمة الله تعالى؟!
الباحث Anthony Trewavas  العالم في جامعة Edinburgh  وعضو الأكاديمية الملكية البريطانية، يؤكد أن النباتات أكثر من مجرد غطاء جميل يغلف أرضنا، إنها تتواصل مع بعضها، وتتذكر وتخطط وتتخذ القرارات: إنها كائنات ذكية! ولكن الذي يميز النبات أن له أكثر من دماغ، أي ليس له دماغ واحد مثل الإنسان، إنما أدمغة متعدة متوضعة في الجذور.
وقد قرأت بحثاً يؤكد فيه العلماء أن الكون عبارة عن كمبيوتر عملاق!! فالنجوم التي نظنها لا تعقل تحوي في كل ذرة من ذراتها برنامجاً يوجهها ويهديها لما يجب عليها القيام به! فهذه الذرة يجب أن تقترب من ذرة أخرى وفق نظام مبرمج مسبقاً، وهكذا حتى تتشكل جزيئات محددة، وهذه الجزيئات سوف تشكل جزيئات أكبر من الغبار مثلاً... وبالنتيجة يجب أن يتشكل النجم... ثم يتطور هذا النجم فينفجر ثم يتشكل الثقب الأسود مثلاً... وهكذا وفق عمليات مبرمجة مسبقاً، ويتساءل العلماء بل ويندهشون: من الذي وضع هذا البرنامج الذي لا يخطئ؟
ونقول إن الله تعالى هو الذي خلق هذه المخلوقات وأعطاها شكلها ثم وضع فيها المعلومات اللازمة لهدايتها وتوجيهها، يقول تعالى: (قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى) [طه: 50].
وندعو كل ملحد لأن يتأمل هذه الآية العظيمة وهذه الدعوة من الخالق تبارك وتعالى وهو أغنى الأغنياء عن عباده الضعفاء، ندعوه لأن يرجع إلى خالقه ورازقه ... إنه الله تعالى يخاطب كل بعيد عن ذكره فيقول: (أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [المائدة: 74].

الفصل الثانى
المقدمة

الحيوان في القرآن والسنة

       ذكر الله ـ سبحانه وتعالىـ في محكم كتابه العزيز طائفة من قصص الطير والحيوان. فورد ذكر الحيوان في مواقع عديدة، تعرض فيها القرآن لخلقه وتناسله والاستفادة منه. وقدّم القرآن الكريم في قصص الأنبياء، مجموعة من الحيوانات، كان لها دور في تاريخ الإنسان وحياته على الأرض. والأمثلة على ذلك كثيرة:

الغراب الذي بعثه الله ليُري قابيل كيف يواري جثة أخيه هابيل. فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ قَالَ يَاوَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ

طيور إبراهيم، الأربعة التي ذبحها وفرقها على قمم الجبال فجمعها الله بعد ذلك، وجاءت إلى إبراهيم تسعى. وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ

بقرة بني إسرائيل التي أُمر موسى بذبحها، لكشف جريمة قتل غامضة. وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (67) قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لا فَارِضٌ وَلا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ (68) قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ (69) قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَتَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ (70) قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الأرْضَ وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لا شِيَةَ فِيهَا قَالُوا الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ (71) وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (72) فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ ءَايَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ(73)

الذئب الذي اتهم ظلما بالتهام يوسف فجاء على لسان سيدنا يعقوب مخاطباً أبناءه: قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ (13) قَالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذًا لَخَاسِرُونَ (14) فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (15) وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ (16) قَالُوا يَاأَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ.

الهدهد الذي أطلع سليمان على نبأ بلقيس. وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ (20) لأعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لأذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (21) فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ (22) إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (23) وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ

دابة الأرض (وهي الأرضة) التي أكلت عصا سليمان، وهو ميت مستنداً إليها. فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلاَّدَابَّةُ الأرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِين

حمار العُزيرْ الذي أمات الله صاحبه مائة عام ثم بعثه، ولمّا تعجب العُزيرْ من موته مائة عام أحيا الله حماره أمام عينيه، وهو ينظر إلى العظام يتركب بعضها فوق بعض. أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ ءَايَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ

كلب أهل الكهف الذي نام مع أصحاب الكهف ثلاثمائة وتسعة أعوام. وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا

نملة سليمان التي حذرت النمل من سليمان وجنوده. حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (18) فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ

فيل أبرهة الذي أعده لهدم الكعبة، فإذا وجهوه إلى الحرم ربض وصاح، وإذا صرفوه لجهة أخرى من سائر الجهات ذهب إليها، استجابة لإيحاء الله سبحانه وتعالىأَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ

ناقة صالح التي كانت آية من آيات الله، شرفها وأعلى شأنها بأن نسبها إلى اسم نَبِيِّه. وقد ذكرت في القرآن العظيم سبع مرّات:
1.      و َإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ ءَايَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
2.      فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ
3.      وَيَا قَوْمِ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ ءَايَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ
4.      وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالآيَاتِ إلاَّ أَنْ كَذَّبَ بِهَا الأوَّلُونَ وَءَاتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إلاَّ تَخْوِيفًا
5.      قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ
6.      إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِر
7.      فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا

حوت يونس الذي أوحى الله إليه ألا يأكل ليونس لحما ولا يهشم له عظما. وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (139) إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (140) فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ (141) فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ (142) فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (143) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ
كما ورد ذكر عدد آخر من الآيات، تشتمل على طيورٍ وحيوانات ونباتات كلها من آيات الله، مثل عصا موسى التي تحولت إلى ثعبان مبينفَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينوطين عيسى الذي صنع منه كهيئة الطير ثم نفخ فيه فصار طيراً بإذن اللهإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِيوالطير الأبابيل التي أرسلها الله تعالى على أصحاب الفيل فرمتهم بحجارة من سجيلوَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ (3) تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ (4) فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ
وفي آيات عديدة ورد ذكر مجموعة أخرى من الحيوانات، كالخيل والبغال والحمير والبعير والإبل وغيرها. كما شرفت بعض الحيوانات بأن أطلقت أسماؤها على بعض سور القرآن الكريم (البقرة، النحل، النمل، العنكبوت، العاديات، الفيل).
وفي السنن الصحاح ورد ذكر نسج العنكبوت على باب الغار ، الذي اختبأ فيه رسول الله، ومعه سيدنا أبو بكر عشية هجرتهم إلى المدينةإِلاّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
والحمرة (وهي ضرب من الطير كالعصافير)، التي فجعت ببيضتها أو بفرخيها فشكت إلى النبي حالهاعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَانْطَلَقَ لِحَاجَتِهِ فَرَأَيْنَا حُمَرَةً مَعَهَا فَرْخَانِ فَأَخَذْنَا فَرْخَيْهَا فَجَاءَتْ الْحُمَرَةُ فَجَعَلَتْ تَفْرِشُ فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَنْ فَجَعَ هَذِهِ بِوَلَدِهَا رُدُّوا وَلَدَهَا إِلَيْهَا وَرَأَى قَرْيَةَ نَمْلٍ قَدْ حَرَّقْنَاهَا فَقَالَ مَنْ حَرَّقَ هَذِهِ قُلْنَا نَحْنُ قَالَ إِنَّهُ لاَ يَنْبَغِي أَنْ يُعَذِّبَ بِالنَّارِ إِلاَّ رَبُّ النَّارِ
وفرس سراقة بن مالك بن جعشم المدلجي، التي ساخت به الأرض إلى بطنه استجابة من الله لدعاء نبيه. وقد كان سراقة يبغي قتل النبي أو أسره في هجرته من مكة إلى المدينةفعن أبي بكر ـأنه قَالَ: .. فَارْتَحَلْنَا بَعْدَمَا مَالَتْ الشَّمْسُ وَاتَّبَعَنَا سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكٍ. فَقُلْتُ: أُتِينَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ: لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا. فَدَعَا عَلَيْهِ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فَارْتَطَمَتْ بِهِ فَرَسُهُ إِلَى بَطْنِهَا أُرَى فِي جَلَدٍ مِنْ الأرْضِ شَكَّ زُهَيْرٌ. فَقَالَ: إِنِّي أُرَاكُمَا قَدْ دَعَوْتُمَا عَلَيَّ، فَادْعُوَا لِي، فَاللَّهُ لَكُمَا أَنْ أَرُدَّ عَنْكُمَا الطَّلَبَ. فَدَعَا لَهُ النَّبِيُّ، فَنَجَا. فَجَعَلَ لا يَلْقَى أَحَدًا إِلاّ قَالَ: قَدْ كَفَيْتُكُمْ مَا هُنَا. فَلاَ يَلْقَى أَحَدًا، إِلاّ رَدَّهُ. قَالَ: وَوَفَى لَنَا
وشاة أم معبد الخزاعية التي مسح رسول الله على ضرعها بيديه الشريفتين فتفجأت (أي فتحت ما بين رجليها) ودرت واجترت وحلبت فسقى أصحابه وشرب، والظبية التي أمر الرسول صياديها أن يخلوا عنها حتى ترضع خشفيها (ولديها).
وإذا كان الحيوان قد ورد في القرآن الكريم والسنة المطهرة في مواقف محددة، فإنه بالمثل قد ورد في الشعر العربي وفي الأمثال وفي المأثور من القول على نحو يصعب حصره أو تحديده. وسبب ذلك أن العربي القديم كان يعيش مع الحيوانات وحشيها ومستأنسها وكانت جزءاً من مقومات حياته. فلذلك تمثلها في مختلف المواقف وعبر عنها في صور كثيرة شعراً ونثراً ومثلاً. وهذه الظاهرة سيتعرض إليها البحث خلال الحديث عن كل حيوان وأبيات الشعر أو الأمثال التي ذُكر فيها.
   المبحث الأول 
لإعجاز العلمى فى خلق الإبل
أَفلا يَنظُرُونَ إِلى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ
(أَفلا يَنظُرُونَ إِلى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ)
لا شك أن المتفحص للقرآن الكريم لاحظ أن العديد من الآيات الكريمة تدعونا إلى التدبر في الكون ومخلوقاته.
يقول ـ سبحانه وتعالى: (وَفِى الأَرْضِ ءَايَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ وَفِى أَنفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ) سورة الذاريات. و(أَوَلَمْ يَنظُرُواْ فِى مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِن شَىْءٍ) سورة الأعراف.
ويقول ـ عز وجل: (أَفَلَمْ يَنظُرُوآ إِلَى السَّمَآءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ * وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِىَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ * تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ) سورة (ق).
يقول الله ـ سبحانه وتعالى ـ في سورة الغاشية: (أَفَلا يَنظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ)، هيا إذن نقوم برحلة في أعماق هذا الحيوان العجيب لننظر إلى حسن تكوينه وما يخفيه من أسرار.
إن تواجد الجمل في بلادنا العربية قد ساهم في إغناء تراثنا وحضارتنا؛ فالجمل يعتبر رمز الاستقلال، والغنى والقوة. كما أن الإنسان العربي استفاد من الإبل في مجالات عدة وعلى مدى عصور طويلة.
فلا يكاد يذكر الجمل إلا وتخطر بالبال صِفَتَا المعاناة والصبر، فهو ذلك المخلوق القادر على العيش والعطاء في خضم الظروف القاسية للصحراء العربية.
وقد تعلق الإنسان العربي بالجمل تعلقًا فريدًا يتجلى في تواجد ما يناهز ستة آلاف مفرد في اللغة العربية لتعيين أصناف الجمال وإبراز كل ما يتعلق بمعيشته وخصائصه الجسدية. والشِّعر العربي يزخر بعدة قصائد، وكانت الناقة مصدر إلهام الشعراء للإشادة والتغزل بمعشوقاتهم.
وفي القرآن الحكيم وردت آيات عدة تتحدث عن الإبل وباقي الأنعام، كما أن الله ـ سبحانه وتعالى ـ أضاف اسم الناقة إلى اسمه: (نَاقَةُ اللَّهِ) وهذه إضـــافة تشريف وتعظيم ـ كقوله: (بيت الله) أو (عبدالله)، والأمر يتعلق بالناقة في عهد سيدنا صالح ـ عليه السلام ـ والتي كانت سبب هلاك قوم ثمود بعد عقرهم إياها.
لا شك أن الجمل من أعظم آيات الله في خلقه، ويحوي من الإعجاز في الخلق ما جعله مصدر اهتمام وعناية إلاهيتين وصل إلى دعوة الله لنا للنظر والتدبر في هذا الحيوان العجيب فلننظر معًا فيما يخفيه هذا الكائن من أسرار.
ينتمي الجمل إلى عائلة الجمليات أو الإبليات (camelides) والتي تضم فصيلتين هما فصيلة camelus وفصيلة lama. فصيلة camelus تتشكل من نوعين هما camelus dromedarius وهو الجمل ذو السنام الواحد وcamelus bactrians وهو الجمل ذو السنامين، ويسمى كذلك الفالج، ويتـــواجــد هذا الأخير في المناطق الباردة لآسيا الوسطى وصولاً إلى منشوريا في الصين.
في نظرتنا هذه سوف نركز على النوع الأول أي الجمل ذو السنام الواحد نظرًا لوفرة المعلومات بخصوصه وكثرة الدراسات التي عنيت به. يعيش الجمل في المناطق الصحراوية الحارة والشرق الأوسط والأدنى، وقد تم استئناس الجمل منذ 2000 إلى 3000 سنة قبل الميلاد المسيحي، في شبه الجزيرة العربية من مجموعة برية كانت تعيش في الهضاب القاحلة لحضرموت، وقد استغل في بادئ الأمر في عملية الدراس، ولكن سرعان ما ارتبط الجمل بتجارة التوابل المزدهرة آنذاك في شبه الجزيرة العربية، ومجال البحر الأبيض المتوسط. أخذ الجمل في الانتشار في جل المناطق القاحلة وشبه القاحلة لإفريقيا وآسيا حتى وصل إلى القرن الإفريقي، ثم الشرق الأوسط إلى منطقة شمال إفريقيا عبر سيناء، وفي الألفية الأولى من الميلاد المسيحي بلغ الجمل أسبانيا من خلال الانتشار الإسلامي في المنطقة.
دخل الجمل ميدان الحروب حيث استغله العرب في صراعهم ضد الآشوريين، واستعمله الفرس في غزواتهم على القوافل، وشارك الجمل في كتيبة الجنرال بونبارت BOUNAPARTE أثناء دخوله مصر، وكذلك في جيش ملكة بريطانيا أثناء غزوها للهند. لقد برهن الجمل عبر التاريخ أن له أهمية كبرى باستعماله في مجالات عديدة، وأصبح في السنوات الأخيرة محط اهتمام العديد من الاقتصاديين والعلماء الباحثين.
لا شك أن الجمل قد أبان أنه الأصلح في الحِل والترحال في المناطق الصحراوية الجافة، زيادة على إمكانية الاستفادة من لحومه وألبانه؛ فالجمل لا يحتاج إلى الكثير من الغذاء مقارنة مع باقي حيوانات المزرعة، حيث يستطيع قطع مسافة 50 ميلاً يوميٌّا مع تحمل الجوع والعطش لمدة 5 أيام، أما حمل الأحمال فهو يستطيع نقل ما يفوق 500 كيلو غرام والسير بها مسافة 20 ميلاً في اليوم دون طعام أو شراب لمدة ثلاثة أيام متتالية. إن فك لغز هذا الحيوان العجيب يمر حتمًا عبر دراسة الخصائص التشريحية والفيزيولوجية.
الخصائص التشريحية:
يعد الجمل من الحيوانات المجترة على الرغم من وجود اختلافات كبيرة بين الجمل وباقي المجترات، حيث إن المعدة الثالثة (Omasum) تضاءلت وأضحى من الصعب تمييزها، ولعل أهم خاصية في الجهاز الهضمي هي وجود ما يسمى ـ مجازًا ـ الأكياس المائية (في المعدة الأولى (Rumen) وهي عبارة عن انثناءات تضم الملايين من الخلايا الغددية وتعلب دورًا رئيسيٌّا في تفعيل عمل اللعاب وإنتاج قسط وافر من السوائل.
تساعد شفتا الجمل العليا والسفلى على الخصوص على التقاط النباتات الشوكية بطريقة سهلة للغاية. ونظرًا لطول عنق الجمل فإن البلعوم يحتوي على عدد هائل من الغدد التي تعمل على ترطيب الوجبة الغذائية الجافة، وسهولة زحف الأكل داخل باقي مكونات الجهاز الهضمي.
ينفرد الجهاز التنفسي للإبل بوجود جيب أنفي جانبي يعمل على تحصيل نسبة هامة من الماء أثناء التنفس، كما يستطيع أنف الجمل الانغلاق كليٌّا مانعًا بذلك جفاف القصبة الهوائية.
جلد الجمل خلافًا لباقي آكلات العشب قليل المرونة، ولكنه غليظ جدٌّا لحسن الحظ، الشيء الذي يجعله يتحمل لسعات الحشرات وحرارة الرمال الملتهبة. أما الغدد العرقية الجلدية فهي قليلة جدٌّا في أنحاء الجسم، وهذه الندرة تساعد على توفير الماء بمنع التبذير عن طريق التعرق. شكل الوبر الغليظ ولونه يحدان من تسرب الحرارة من جسمه. اللون الفاتح للوبر يعمل على انعكاس أشعة الشمس الحارقة.
أما قدم الجمل فلا يتوفر على حافر ويتكون من نسيج دهني يوفر للجمل خفة ورشاقة في السير بكفاءة متساوية على الأرض الوعرة، والزلقة، وكذا الرمال الناعمة.

المبحث الثانى
الخصائص الفيزيولوجية:
1 . تحمل الحرارة:
يعتبر سنام الجمل مخزنًا للطاقة، ووجوده على الظهر يضمن للجمل التأقلم مع الحرارة. حيث إن تكتل الدهون في السنام يحد من توزعها وانتشارها تحت الجلد ويتم بذلك التخلص من الحرارة في الجلد.
يؤدي نقصان كمية من الماء في أجسام العديد من الحيوانات إلى زيادة لزوجة الدم مما يؤدي إلى ارتفاع الحرارة الداخلية للجسم وأحيانًا إلى الهلاك.
أما الجمل فلزوجة دمه تبقى ثابتة ولو نقص الماء من جسمه مما يسمح لعملية النقل الحراري من أطراف الجسد إلى القلب.
يعتبر الجمل من الحيوانات ذات الدم الحار (حرارة جسمانية مستقرة)، ولكنه يستطيع تغيير درجة حرارة جسمه متأقلمًا بذلك مع الحرارة المحيطة: فعندما تنزل درجة الحرارة الخارجية ليلاً فإن درجة حرارة جسم الجمل تهبط إلى غاية 34 درجة مئوية، ولكن عند القيظ فإن درجة حرارة جسمه تصل إلى 42 درجة مئوية (دون إصابته بحمى)، إن مثل هذا التقلب الحراري يعد مميتًا لأغلبية الثدييات.
 إن الشكل الخارجي للجمل وتصرفه يعملان على مقاومة الحر؛ فعندما تكون الرمال حارة جدٌّا يبقى الحيوان واقفًا على أرجله الطويلة عازلاً جسمه عن الحرارة المنبعثة من الأرض، وعند جلوسه فإن وسادة أسفل الصدر ووسائد ركب الأرجل تعزل الجسم عن السطح سامحة بذلك لحركة هوائية تساعد على انتشار الحرارة. وفي خضم الساعات الحارة من النهار يتموقع الجمل تحت أشعة الشمس مباشرة حيث يعمل على تعريض أقل مساحة ممكنة من جسمه لأشعة الشمس الحارقة.
تلعب الغدة الدرقية دورًا هامٌّا في علميات الأيض أو التمثيل الغذائي (Metabolisme).
 والارتفاع في درجة الحرارة الخارجية ينشط من هذه العلميات الأيضية وذلك إثر اضطراب الآليات الخاصة باستقرار الحرارة الداخلية. فينتج عن ذلك إنتاج طاقة إضافية. تؤدي في نهاية الأمر إلى الحالة المعروفة بالضربة الحرارية والتي تقود إلى الوفاة أحيانًا. أما الجمل فالارتفاع في درجة حرارة جسمه يعمل على نقص استهلاك الأكسجين فتتباطأ عمليات الأيض في جسمه مما يحد من ارتفاع درجة حرارته.
2. كيف يتحمل الجمل العطش؟
 تعد مقاومة الجمل للعطش أهم خاصية عني بها علماء وظائف الأعضاء، فالآليات الخاصة بالحفاظ على النظام المائي (ststut hydrique) تعمل ابتداء من شرب الماء مرورًا باستعماله إلى نهاية عملية الإخراج.
 وقد أكد العديد من الأبحاث أن الجمل يستطيع العيش دون ماء لعدة أسابيع متعددة، وعمومًا فإن كمية الماء التي يتناولها الجمل مرتبطة بنوعية الأكل، والحرارة الخارجية المحيطة وحالة الارتواء السابقة. حيث ثبت أن الجمل يكتفي خلال الفصول الباردة بالكمية المائية المتوفرة في الوجبة ويستغني عن الشرب لمدة شهر كامل. أما في الفصل الحار ومع وجبة من الغذاء اليابس فإن الشرب ضروري مرة كل أسبوع.
تموت أغلب الحيوانات عندما ينخفض وزنها من 10 ـ 16% من وزنها في وسط محيط حار، بيد أن الجمل يواصل العيش دون تعرض حياته إلى خطر مع فقدان ثلث وزنه ويسترده مباشرة بعد الارتواء. وعند التعرض لعطش شديد فالجمل يستطيع شرب كمية هائلة من الماء في زمن قياسي. وقد لوحظ أن جملاً شرب كمية 200 لتر في مدة لا تزيد عن ثلاث دقائق، وذلك بعد حرمان من الماء دام 14 يومًا ولم يصب بسوء. كما أن الشرب السريع بعد مدة حرمان مائي تؤدي إلى انفجار الكريات الحمراء في الدم.
3 . خصائص الدم عند الإبل:
 تبلغ كمية الدم عند الجمل (volumie) 93 ملليمتر/ كيلو غرام من الوزن الحي، وهذا الرقم يفوق بكثير ما هو عليه عند باقي الحيوانات، ويتميز شكل الكريات الحمراء عند الجمل بكونها بيضاوية الشكل (ovoide) وحجمها قابل للتغير حسب حالة الارتواء، وتتميز بصلابتها الهائلة التي تقاوم الانفجار. يصل عدد الكريات الحمراء 4 ـ 10 ملايين خليةم3. أما النسبة من الدم الكلي فهي 25 ـ 30%، وتطول مدة حياة الكريات الحمراء أثناء فترة العطش حتى لا يكلف الجمل موتها وتجددها.
4 . عملية امتصاص الماء:
تنطلق العملية من الغدد اللعابية التي تنتج 20 لترا/ غدة، وعند العطش الشديد فإن هذا الإنتاج لا يتعدى لترًا واحدًا/ غدة دون أن تتعرض قدرة الجمل على الأكل لخلل ما؛ حيث إن رطوبة الفم تستمر بفعل استرداد الأكل من المعدة أثناء عملية الاجترار.
تعتبر المعدة أكبر خزان للماء عند الحيوانات المجترة، والماء المتوفر في معدة الجمل عالي التركيز من الصوديوم والبيكربونات ومصدره هو الدم، أو بمعنى آخر ماء تم امتصاصه من أسفل الجهاز الهضمي (الأمعاء).
 وتنتج عملية الامتصاص روثًا يابسًا جدٌّا، فنسبة المادة الجافة تصل إلى 50% (عند الغنم 15%، البقر 13%) وعند العطش فهذه النسبة تصل إلى 55% بينما هي مستقرة عند الأبقار، إذن فالجمل يضيع خمس مرات أقل من الماء في الروث مقارنة مع الأبقار.
 5 . الكلية عضو رئيسي في التوازن المائي:
عند مستوى الكلية يتم إعادة امتصاص أكثر الماء (reabsorption)، وتشكل كمية البول عند الجمل 0.1% من وزن الجمل (2% عند الخروف في نفس الظروف)، وعند التعرض لعطش طويل يتخلص الجمل من بول شديد التركيز وبحجم 4 مرات أقل، كما أن عملية إرجاع الصوديوم إلى الدم تعرف تراجعًا مهمٌّا حيث تصل الكمية المتخلص منها إلى 40%. فآلية إعادة الماء البولي يوفر كمية هائلة من الماء، فالجمل لا يفقد سوى 20 غرامًا ماء/ كيلو غرام من وزنه تحت درجة 42 مئوية، بينما هذه الكمية تصل عند الخروف 40 غرام ماء/ كيلو غرام من وزنه.
6 ـ كيف يتحمل الجمل سوء التغذية؟
الوسط الصحراوي ليس فقط حارٌّا وجافٌّا، ولكن يتميز بضعف المصادر الغذائية وضعف تنوعها الفصلي والسنوي، ولكن الجمل يملك تقنيات للتأقلم مع كل نقص قد يحصل في المكونات الأساسية للغذاء (طاقة، بروتين، أملاح..).
 وأثبتت عدة دراسات أن الجمل يتوفر على أعلى طاقة تحويلية للعلف ذي القيمة الغذائية الفقيرة مقارنة مع باقي الحيوانات المستأنسة الأخرى، والسر في ذلك هو بقاء الأكل مدة طويلة في مَعِدَاته.
6 ـ 1 نقص في الطاقة:
تعتبر الدهون الاحتياطية هي الشكل المركز للطاقة عند الثدييات، وفي الوسط الصحراوي تعمل الشحوم المختزنة تحت الجلد على حجز الحرارة ومنع تسربها خارج الجسم. وتتركز معظم الدهون عند الإبل في السنام، وخلال فترة الجوع والنقص في الغذاء فإن الجمل يستهلك هذه الدهون بسهولة، ويمكن أن ينقص وزن السنام من (90 ـ 0) كيلو غراما. ويؤمّن الخزان الهائل من الطاقة للجمل الصمود والتحمل ولو مؤقتًا على نقص مصادر الطاقة.
 فمثلاً عند جمل يزن 750 كيلو غرامًا، يبلغ الخزان الدهني 150 كيلو غرامًا وتعرض 3 كيلو غرامات فقط من الدهون إلى الاستهلاك (catabolisme)، ويمد الجسم بـ 160 ميتاجول من الطاقة المتحركة، وهو ما يعادل حاجيات 8 أيام من العيش لجمل عطشان، أو 3 أيام لناقة في فترة الإدرار.
 6 ـ 2 نقص البروتين:
أظهرت دراسة التصرف الغذائي للجمل أن له قدرة على اختيار النباتات الأكثر غنى من حيث الآزوت، ويتيح له شكله الخارجي (عنق طويل) الوصول إلى الأعشاب اليابسة من نوع أكاسيا (Acacia) وفصيلة البقوليات الغنية بالبروتين.
 يتحول العشب في الجهاز الهضمي عند المجترات إلى الأمونيا واليوريا (Amoniac) واعتمادًا على هذه المكونات تعمل المكروبات في المعدة (Rumen) على صنع البروتينات. ويقوم الجمل بإرجاع اليوريا في الكلية بكمية وافرة حيث إنه يتخلص فقط من 1% في حالة نقص بروتيني (هذه النسبة تصل إلى 25% عند الخروف) مما يسمح له بمواصلة صنع البروتين.
6 ـ 3 نقص في الأملاح المعدنية:
يعرف الجمل بقدرة كبيرة على استيعاب كمية كبيرة من الملح، وبحساسية لنقص في هذه المادة في الغذاء، وهذا يفسر تفضيله للنباتات من نوع الحلفاء (halophytes) الغنية بالماء والملح، وللجمل قدرة فائقة على استيعاب الكالسيوم والفوسفور دون أدنى تأثر عند تعرضه للعطش، وتفسير ذلك جاء من دراسة اكتشفت أن تركيز فيتامين د (D) عند الجمل يضاعف 10 ـ 15 مرة ما هو عليه عند باقي المجترات (فيتامين د يلعب دورًا رئيسيٌّا في تركيز الكالسيوم في العظام).
 تعتبر مادة النحاس أساسية للجمل حيث إنها تدخل في تركيبة إنزيم يلعب دورًا هامٌّا في حالات الالتهاب (ceruplasmine)، وعند نقص مادة النحاس فإن نسبة هذا الإنزيم في الجسم تبقى مستمرة، وذلك ناتج عن تفريغ الاحتياطي من النحاس المخزن في الكبد. نفس الأمر ينطبق على مادة السيلنيوم (selinium) مما جعل الباحثين يتصورون أن الجمل يستبق الأحداث فيخزن المواد الضرورية لأنشطة الإنزيمات.
7 ـ خصائص حليب النوق:
يتميز حليب النوق بلون ناصع وطعم يميل إلى الملوحة، وتفوق القيمة الغذائية لحليب النوق كلا من الأبقار والماعز، وتتراوح كمية الطاقة في الحليب ما بين 900 ـ 1000 كيلو كالوري/ لتر واحد من الحليب (عند البقر تصل من 700 ـ 750 فقط).
 كما أن حليب الناقة يضم مركبات ذات طبيعة بروتينية مثل مضادات التخثر ومضادات التسمم ومضادات الجراثيم؛ لذا فهو لا يتجبن بسرعة، ويكمن الاحتفاظ به طازجًا لمدة طويلة.
يتميز حليب النـــوق باحتـــوائه على نسـبة هائلة من البروتين مقارنة مع حليب البقر ويتشكل الكازيين (caseine) البروتين الرئيسي (70%) والألبيومين (albumin) 3.22% والجلوبيولين (globuline) 1.2%. كما يحتوي الحليب على كمية عالية من الأحماض الدهنية الذائبة (قصيرة التسلسل).
 كما يحتـــوي حليب النوق على مجموعة كبيرة من الفيتامينات والأملاح كفيتامين أ، ب، س، A,B,C، يشكل أعلى نسبة مقارنة مع باقي الفيتامينات، وهذا له أهمية بالغة لدى السكان في المناطق الصحراوية. حيث إن الرعاة الذين يعيشون على حليب النوق يتمتعون بالصحة والحيوية، أكثر من ذلك فقد عرف لحليب الناقة عدة خصائص علاجية.
فقد كان اهتمام العرب بحليب الناقة في علاج أمراض مستعصية، حيث عولجت به القرحة، والاضطرابات المعدية، فقر الدم، والربو...
وثبت علميٌّا جدوى استعمال الحليب في علاج أمراض كالسكري، حيث تم اكتشاف بروتين خاص ذي فعالية متشابهة مع عمل الأنسولين (Insuline) حيث توجد 40 وحدة من هذا البروتين في كل لتر من الحليب.
 كما تبين أن مضادات الجراثيم الموجودة في الحليب تجعله ذا أهمية في التخلص من عصيات السل، وجراثيم الحمى المالطية (brucelose)
 ماذا بعد النظر؟
إن كل ما توصلت إليه الدراسات العلمية بخصوص الجمل خلال السنين الأخيرة قليل من كثير؛ حيث ما زال يخفي العديد من الأسرار التي ربما ستنكشف مع الأيام. ولقد ورد في القرآن الكريم ما يقرب من 360 آية تثير في الإنسان دواعي التأمل والتفكر والتعقل، حتى إن علماء الكلام صاغوا قاعدتهم المشهورة: (إن أول الواجبات الدينية المفروضة على المسلم النظر) أول آية نزلت على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في سورة العلق: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِى خَلَقَ * خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ) والقراءة هنا ليست فقط قراءة نطق بالكلمات والمفردات والجمل، وإنما أيضًا قراءة تفكر وتبصر وفهم لهذا الكون ومحتوياته، وذلك لغرض اكتشاف ما يكتنفه من أسرار وآيات.
 فالخطاب القرآني يعمل أولاً على تحريك فطرة الإنسان لاكتساب المعرفة، وثانيًا على استخدام ما لديه من قدرات (العقل) بغية الوصول إلى الحقيقة: وهي أن وراء هذا الكون العظيم المتناسق خالق بديع مقتدر وهو الله ـ سبحانه وتعالى. إذن الغاية هي معرفة الله بآثار صنعه، واستشعار عظمته وقوته بمشاهدة الإخلاص في عبادته، امتثالاً لقوله ـ عز وجل: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ) سورة الذاريات.
 لذا فقد أشاد الوحي السماوي من القرآن والسنة بالعلم وأهله؛ لأن العارفين العاملين هم أكبر درجة وأرفعها عند الله، وخشيتهم لله لا تعدلها أية خشية؛ باعتبار ما يهديهم إليه علمهم بقول ـ عز من قائل: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَآؤُ) (سورة فاطر).
 فالعلم سبيل إلى الإيمان الكامل الصحيح، والذي يقود صاحبه إلى التقوى. فلا عجب أن نجد أن الله قارن بين العبادة وذكر الله من جهة، والتفكير والتدبر من جهة أخرى، مثل قوله ـ سبحانه وتعالى: (إِنَّ فِى خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ الَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُوْلِى الأَلْبَابِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِى خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النار(ّ سورة آل عمران.

المراجع
1.    www.dw-world.de
2.    The New Language of Science. Hans Christian von Baeyer. Harvard University Press, 2004.
3.    Computational Capacity of the Universe. Seth Lloyd in Physical Review Letters, Vol. 88, No. 23, article 237901Z; June 10, 2002.
4.    From Computation to Black Holes and Space-Time Foam. Y. Jack Ng in Physical Review Letters, Vol. 86, No. 14, pages 2946-2949; April 2, 2001.
1 -      le dromadaire et son elevage - par D.Richard (1985) - edit EMVT collection (Etude et synthese) CIRAD Montpellier, 162PP
2 -      The camel (par R.T Wilson (1985) Edit longman, londres 223PP
 3 -      The desert camel - comparative physiologilcal adaptation par R.YAGIL (1985) Edt kalrger, BAKE 163 PP
 4 -      The role of the camel in Africa - A Literature review par R Mukasa - Mugerwa (1979) edit ILCA - CIPEA Adis - Abeba 86PP
 5 -      The one humped camel in eastern Africa - par Schwartz et Droli (1992) Edit Wertag - weikersheim 282PP
 6 -      The racing camel - par Saltin et rose (1994) edit Acta physiological Scandinavia Stockholm 95 PP
 7 -      Guide de lelevage du dromadaire par Dr Bernard FAYE (1997) CARAD EMVT - Montpellier 126PP

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق